بسم الله الرحمن الرحيم
يقولون أنه لا نفاق اليوم
ثبت في صحيح البخاري عن الأسود بن يزيد النخعي قال : كنا في حلقة عبد الله بن مسعود فجاء حذيفة – رضي الله تعالى عنهم أجمعين – حتى قام علينا ، فسلم ثم قال :
لقد أنزل النفاق على قوم خير منكم
، قال الأسود : سبحان الله ، إن الله يقول :
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً }النساء145 ، فتبسم عبد الله بن مسعود ، وجلس حذيفة في ناحية المسجد ، فقام عبد الله بن مسعود ، فتفرق أصحابه ، فرماني بالحصاة فأتيته ، فقال حذيفة : عجبت من ضحكة ،
وقد عرف ما قلت لقد أنزل النفاق على قوم كانوا خيراً منكم ثم تابوا ، فتاب الله عليهم) )
[انظر صحيح البخاري – كتاب التفسير – سورة النساء – باب "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ" : (8/266) بشرح ابن حجر ، ومراد حذيفة – رضي الله تعالى عنه – كما في الفتح
ملخصاً
ابتلي من كان من طبقة الصحابة بالنفاق ،وارتد بعضهم ونافق ، ومنهم من تاب وأناب ، ومنهم من أصر على التباب
فاحذروا الاغترار ، فإن القلوب تتقلب في الليل والنهار ،والأعمال بالخواتيم فحذار حذار من الأمن من مكر رب العالمين ، وإن كنتم في إيمانكم من الصادقين
ولما قيل للحسن البصري – عليه رحمة الله تعالى – :
(( إن أقواماً يقولون : إنا لا نخاف النفاق ،قال : والله لأن أكون أعلم أني بريء من النفاق أحب إليّ من تلاع الأرض ذهباً ، ولما قيل له :
يقولون : إن لا نفاق اليوم ، قال : لو هلك المنافقون لاستوحشتم في الطريق ، ولو نبت للمنافقين أذناب ما قدرنا أن نطأ الأرض بأقدامنا))
فإذا تأمل المسلم ذلك ، وخاصة طالب العلم انخلع قلبه ، وطار لبه ،
فنحن ندعي الإيمان ، بل ونصف للناس الإسلام ، وعندنا تفريط في العمل بشريعة رب الأنام ، وتلك صفة المنافقين اللئام ،
كما قال حذيفة بن اليمان – عليهما رضوان رب الأنام – :
(( المنافق الذي يصف الإسلام ولا يعمل به )) ،
[ انظر أبو نعيم في حلية الأولياء : (1/282) ، والرازي في كتاب صفات المنافقين :
(43) ]
وفي المسند بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو ، وعقبة بن عامر – رضي الله تعالى عنهم أجمعين – أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم – قال :
"أكثر منافقي أمتي قراؤها"
وبأولئك المنافقين ، يؤيد الله الدين وليس لهم خلاق عند رب العالمين ، كما ثبت في الصحيحين عن رسولنا الكريم – عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم – :
"إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر"
وفي المسند :
"إن الله – عز وجل سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم".
وختاماً للكلام على النفاق ، المؤدي لسوء خاتمة المكلف عند الفراق ، وخذلانه يوم التلاق ، أدعو بما دعا به سيد الخلق على الإطلاق – صلى الله عليه وسلم – فعسى ربنا الكريم الخلاق ، يحفظنا من البلاء والشقاق ، ويجعلنا من أهل الخير ، إنه سميع الدعاء
ثبت في المستدرك بإسناد صحيح عن أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنهما – قال : كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول في دعائه :
"اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل ، والهرم والقسوة ، والغفلة والعيلة والذلة والمسكنة ، وأعوذ بك من الفقر والكفر ، والفسوق والشقاق ، والنفاق والسمعة والرياء ، وأعوذ بك من الصمم والبكم ، والجنون والجزام ، والبرص وسيء الأسقام.
وأسأل الله عز وجل أن يتوب عليّ وعلى إخواني وأخواتي من المسلمين والمسلمات ، وأن يتكرم علينا بتثبيت الإيمان في قلوبنا عند الممات ، وأن يدخل عظيم جرمنا في عظيم عفوه ، إنه واسع المغفرة كثير الرحمات